المركز الأفريقي للاستشارات African Center for Consultancy

تقارير

توقعات بارتفاع كبير في عمليات الاندماج والاستحواذ في قطاع الطاقة الإفريقي عام 2026

09/11/2025
توقعات بارتفاع كبير في عمليات الاندماج والاستحواذ في قطاع الطاقة الإفريقي عام 2026

وفقًا لتقرير غرفة الطاقة الإفريقية لعام 2026، يستعد القطاع النفطي والغازي في القارة لعام تحوّلي، حيث تفتح عمليات الاندماج والاستحواذ (M&A) وجولات التراخيص المواتية للمستثمرين فرصًا جديدة أمام الشركات المحلية والدولية على حد سواء.

يتوقع أن يشهد القطاع النفطي الإفريقي عامًا ديناميكيًا في 2026، إذ تواصل عمليات الاندماج والاستحواذ إعادة تشكيل مشهد الطاقة في القارة. وبحسب تقرير حالة الطاقة الإفريقية 2026 الصادر عن الغرفة، فإن النشاط المتزايد في هذا المجال مدفوع بإعادة هيكلة استراتيجية بين الشركات المستقلة العالمية، وشركات النفط الدولية، والمشغلين المحليين، إلى جانب موجة من جولات التراخيص الجديدة التي تتيح فرصًا في الأحواض المنتجة والحدودية على السواء.

هذه التطورات ستكون من أبرز محاور مؤتمر أسبوع الطاقة الإفريقي (AEW) المقبل، حيث من المنتظر أن يناقش المشاركون كيفية إعادة رسم خريطة القطاع عبر الصفقات المؤسسية واستراتيجيات التراخيص.

مشهد عالمي متقلب

بلغت قيمة صفقات الاندماج والاستحواذ في القطاع النفطي العالمي 51 مليار دولار في النصف الأول من عام 2025، منخفضة عن النصف الثاني من 2024. وقد أدت تقلبات السوق وحالة عدم اليقين المالي والإجراءات التجارية الأمريكية إلى تبنّي الشركات نهجًا أكثر حذرًا، مع تراجع واضح في نشاط الصفقات في أمريكا الشمالية.
أما على المستوى الدولي، فشهدت الأسواق ارتفاعًا طفيفًا في حجم الصفقات، لكنه بقي دون المتوسط التاريخي، إذ أصبحت عمليات الاندماج المؤسسي المحرك الرئيسي لقيم الصفقات، بينما تراجعت مبيعات الأصول الفردية. وتركّز الشركات بشكل متزايد على تحقيق عوائد للمساهمين عبر صفقات صغيرة الحجم، واستكشاف مشترك، وتطوير مشاريع في مناطقها الأساسية.

تحولات في إفريقيا

يتطور مشهد الاندماج والاستحواذ في إفريقيا بسرعة، إذ تقوم الشركات المستقلة العالمية ببيع أصولها الناضجة، مما يفسح المجال أمام الشركات المحلية والإقليمية للتوسع.
وخلال العقد الماضي، استطاعت الشركات النيجيرية المستقلة — مثل سيبلات، أواندو، فيرست E&P، أمني، كونوايل، نيوكروس، أيتيو، نيكوندي وشورلاين — بناء محافظ ضخمة من خلال المزادات وصفقات الاستحواذ. واستمر هذا الاتجاه في 2024 و2025، مع عدة صفقات بارزة أعادت تشكيل القطاع النفطي النيجيري.

من أبرز هذه الصفقات بيع شركة إكسون موبيل لحصتها التشغيلية البالغة 30% في شركة Mobil Producing Nigeria Unlimited إلى سيبلات إنرجي، ونقل شركة إيني عملياتها البرية إلى أواندو، وبيع توتال إنرجيز وإكوينور ASA لأصولهما في نيجيريا إلى شابال إنرجيز أوفشور.

وفي مارس 2025، أعلنت شل عن بيع شركتها التابعة شركة تنمية البترول النيجيرية المحدودة (SPDC) إلى رينيسانس، وهو كونسورتيوم يضم خمس شركات نيجيرية مستقلة.
تؤكد هذه الصفقات صعود دور المشغلين المحليين في العمليات البرية، بينما تواصل الشركات الدولية تركيزها على حقول المياه العميقة. ويجسد قرار شل النهائي بالاستثمار في مشروع Bonga North للمياه العميقة عودة الثقة الاستثمارية، مدعومًا بقانون صناعة البترول النيجيري والموافقة على عمليات البيع بشكل أسرع.

توسع في غرب ووسط إفريقيا

تشهد دول أخرى في القارة تحركات مماثلة. فقد استحوذت شركة فيتول على أصول إيني في ساحل العاج والكونغو مقابل 1.65 مليار دولار، مما عزز وجودها في إفريقيا ووسع قدراتها في تجارة الغاز الطبيعي المسال.
أما إيني فتتبنى نموذجًا مزدوجًا يقوم على الاحتفاظ بإدارة العمليات مع بيع حصص الأقلية لتمويل مشاريع التحول الطاقي.
كذلك، استحوذت شل على حصة 12.5% من توتال إنرجيز في حقل Bonga مقابل 510 ملايين دولار، في إطار تركيزها على المشاريع ذات العائد المرتفع.

جولات تراخيص جديدة

تغذي جولات التراخيص الجديدة في إفريقيا موجة الاندماجات المقبلة.
ورغم بعض التأخيرات في أنغولا والكونغو وسيراليون وتنزانيا، شهد مطلع 2025 نشاطًا ملحوظًا في الجزائر وليبيا.
فقد منحت الجزائر خمس كتل من أصل ستة في أول جولة تراخيص منذ عقد، مع شروط جديدة لتقاسم الإنتاج وتحسينات في الرسوم الضريبية.
أما ليبيا، فطرحت أول جولة تراخيص منذ 17 عامًا لتطوير 22 كتلة، مع شروط مالية محسّنة لجذب المستثمرين.
وتشير هذه التطورات إلى تحول متزايد نحو بيئة استثمارية أكثر جذبًا في القارة، سواء في الأسواق الناضجة أو الحدودية.

توجه نحو الاندماج والاستحواذ الإقليمي

يقول نج أيّوك (NJ Ayuk)، رئيس مجلس إدارة غرفة الطاقة الإفريقية:

“قطاع النفط والغاز الإفريقي يتجه نحو موجة كبيرة من الاندماجات عام 2026، خاصة بين الشركات المتوسطة والمستقلة الإفريقية، في سعي لتحقيق كفاءة أكبر وتنافسية أشمل، وهو ما سينعكس إيجابًا على القارة والقطاع على المدى الطويل.”

ويضيف أن النقد لا يزال العملة الرئيسية للصفقات في إفريقيا، لكن من اللافت تزايد استخدام صفقات تبادل الأسهم (stock-for-stock swaps).
ويقول:

“المشهد الحالي في إفريقيا يمكن وصفه بعقلية كلٌ يأكل أو يُؤكل، حيث تستعد العديد من الشركات لتبني مواقف هجومية وانتهازية مع اقتراب عام 2026.”

منتدى لمستقبل الطاقة الإفريقية

سيكون أسبوع الطاقة الإفريقي 2026 (AEW 2026) منصة رئيسية لتناول هذه الاتجاهات، بمشاركة قادة الصناعة وصناع القرار والمستثمرين، حيث ستتم مناقشة تداعيات صفقات الأصول، وصعود المشغلين المحليين، وتطور أطر التراخيص.

ومع تزايد اهتمام المستثمرين الدوليين والفاعلين الإقليميين بالقطاع، تؤكد الغرفة أن القطاع النفطي الإفريقي مقبل على مرحلة جديدة من إعادة الهيكلة والتوسع، تكرّس دور القارة كفاعل مؤثر في أسواق الطاقة العالمية، ومركز رئيسي للفرص الاستثمارية المقبلة.